قصة قابيل و هابيل
![]() |
| قصة قابيل و هابيل |
-قصة قابيل و هابيل:
قابيل القاتل:
قال تعالى:" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ
بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ
يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ
اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ"./ سورة المائدة/الآية (27).
1- آدم على الأرض:
نزل آدم وحواء إلى الأرض، ومن يعيش
على الأرض عليه أن يسعى ويعمل ليحصل على رزقه وقوته، ونظر آدم إلى الأرض فرآها
واسعة فسيحة، مملوءة بالخير والرزق، فأنهارها تجري هنا وهناك، وأرضها خصبة تبحث عن
من يزرعها، فتمنى أن يرزقه الله بذرية طيبة تعمر هذه الأرض ويملاها بشر يزرعون
ويحصدون، وما هي إلا شهور قليلة حتى وضعت حواء أول ذرية آدم، ولد وبنت، ولد أسمياه
قابيل ومعه أخت جميلة هادئة، وبعد عام أخر وضعت حواء وضعها الثاني وكان كسابقه ولد
طيب وبنتا أخرى.
وأخذ آدم يبحث عن قوته وقوت أسرته كي
يكفيهم، وأنزل جبريل عليه السلام، فعلم آدم نسج الملابس ليستر جسمه وجسم زوجته من
الحر والبرد، استقرت حياة آدم على الأرض، لقد كثر البنون والبنات، وأصبح لديه
قابيل من أخته الجميلة، وهابيل وأخته الهادئة.
وكبر الأبناء واشتد عودهم، وأخذوا
يعاونون أباهم آدم ويساعدونه على أعباء المعيشة، وقد قسم آدم الأعمال بين ولديه
قابيل و هابيل كل حسب رغبته، فوجد قابيل يحب زراعة الأرض، و وجد هابيل يحب رعي
الغنم، فجعل قابيل يحرث الأرض ويزرعها و يجني ثمرها، أما هابيل فقد خصه برعي
الغنم.
أطاع قابيل
أباه، وكذلك هابيل الذي رضيع برعي الغنم في الحر اللافح والبرد الشديد، فدعا لهما
آدم بالبركة في رزقهما.
2- هابيل الخير :
كان هابيل
خيرا طيبا مطيعا نشيطا، فقد أقبل على غنمه وماشيته يرعاها، و ينميها باسم الله، وكان إذا حلب لبنا قدم منه لإخوته وأخواته الصغار، وإذا جز صوفا غزله وقدم من نسجه
ثيابا لمن يحتاج من إخوته وأخواته الصغار.
وكان كذلك
كريما، فإذا ذبح خروفا أو شاة فرق من لحم ذبيحته على إخوته جميعا بنين وبنات، ويطعم الجائع منهم،وعلى رأس هؤلاء جميعا قابيل شقيقه، فكان يقدم له من لبن غنم
ولحمها ما يكفيه و يسد رمقه.
كل هذا جعلها
هابيل محبوبا من إخوته وأخواته جميعا صغارا وكبارا، وكان ادم يراقب كل هذا ويسعد
لسعادة أبنائه وحبهم لبعضهم البعض، فدعا لهابيل ونال رضاه فرضي الله عن هابيل و
لأن آدم رضي على عنه.
وقد بارك الله لهابيل في غنمه، فسمنت، وكثر نسلها، وتضاعف عددها، وجد لبنها، وطال صوفها، وأصبح هابيل يملك خيرا كثيرا و حلالا ضخما، وامتلأ بيته بالخير والبركة، فلا يجد نفسه ذات يوم في حاجه إلى طعام أو شراب, فقد بارك الله له، وجعل الخير من حوله في كل مكان على عكس قابيل، الذي كان كسلا بخيلا، فلم ينشط لزرع أو لحرث ولا إلى بذر، ولا إلى عمل نافع يقوم به ويؤديه.
كان قابيل
عجيبا في أمره وشأنه، فبينما كان هابيل يعمل بجد، كان قابيل إذا قام إلى عمل ذهب إليه مكرها ، متثاقلا، غير راض عن إي عمل مطلوب منه.
وكان بخيلا، فها هو في موسم الثمر حينما يثمر زرعه يخرج إليه ليلا فيحمله عائدا إلى بيته حتى
لا يراه احد من إخوته وأخواته الصغار، وإذا سأله احدهم شيئا مما أتاه الله عليه صرخ
في وجهه ونهره وطرده بعيدا.
وفي بعض الأحيان
كان ادم يأتي إليه فيطلب منه إن يعطي إخوته وأخواته ويعطف عليهم فيعرض عنه و يسد
أذنيه كأنه لم يسمع شيئا من أبيه ادم، وبذلك لم ينل رضا ادم، ولم ينل رضا الله عز
وجل، فقلت البركة لديه وأصبح مكروها من إخوته وأخواته، فاعرضوا عنه, مما احزن ادم
عليه لعلمه انه سيتعرض لغضب الله عز وجل.
وبالمقابل
فقد زاد حب الناس لهابيل ورضي ادم عنه، مما جعل قابيل يمتلئ حقدا على أخيه، حاسدا إياه
على كثرة ماله و على حب أبيه ادم, مقابل قلة ماله هو وإعراض أبيه عنه.
امتلأ قلبه
بالغل، وأصبح شريرا، يحمل الشر أينما ذهب، برغم ما يظهر له هابيل من مودة وما يقدم
له من إخلاص ووفاء.
3- إبليس
ودوره اللعين :
أصبح قابيل فريسة
سهلة لإبليس, فقد امتلأ حقدا و بغضا و كرها من إخوته و أخواته، فإنتهز إبليس تلك الفرصة، و أخد يوسوس في صدر قابيل، ويقول له:
إن أباك هو
السبب في إقبال الناس على أخيك هابيل وإنصرافهم عنك، لأنهم رأوه يحبه فأحبوه
واقبلوا عليه، و رأوه يكرهك فكرهوك وانصرفوا عنك.
انظر يا
قابيل إنهم يساعدون هابيل في رعي غنمه و قضاء مصالحه، فإذا طلبت أنت من احدهم أن
يساعدك في مزرعتك فلن تجد من يستجيب لك.
بهذا الحديث والوسوسة
استطاع الشيطان لعنة الله عليه أن يسيطر على قابيل ويجعله يكره هابيل ويحقد عليه، ويشعر بالغيظ منه.
ولم يهدأ
الشيطان لعنه الله بل أكثر من وسوسته لقابيل ،حتى افشل قلبه وسيطر عليه سيطرة كاملة، فأصبح قابيل مطيعا للشيطان فما من شيء يأمره به حتى يطيعه على الفور، فإذا أمره
بالإعتداء على إخوانه اعتدى عليهم وإذا أمره بالبخل طاعة على الفور، ولم يأمر
الشيطان لعنة الله عليه قابيل إلا بشر ولم يدعه إلى الخير أبدا, فهو ينفذ القسم
الذي أداه قبل طرده إلى الأرض مع ادم وزوجه، فقد قال آنذاك:( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)/سورة ص/الآية 82. و وعد بالتربص لذرية آدم، و بأنه لن يألو جهدا في الإيقاع بهم في المعاصي والذنوب ليشاركوه في عذاب الله
الذي سيناله في الآخرة.
وبدأ الشيطان
في تدمير أسرة آدم من خلال الدس و الوقيعة بين قابيل وهابيل، فجاء يوما إلى قابيل
يوسوس له:
ألم أنبهك من
قبل أن ادم يحب هابيل أكثر منك، انه لا يحب لك الخير، ألم تعلم انه يريد أن يزوج
هابيل أختك الجميلة التي ولدت معك في بطن واحد،و يزوجك أنت أخت هابيل التي ولدت
معه في بطن واحد، أليس هذا بظلم لك يا قابيل ؟ ألست أحق بالزواج من أختك ؟!
وكان ادم قد ألهمه
الله عز وجل أن يزوج قابيل أخت هابيل وهابيل يتزوج أخت قابيل، وليس أمامه من حل آخر
للزواج فلم يكن على الأرض بشر غير ادم وأسرته من بنين وبنات.
كانت أخته
قابيل جميله، و أخت هابيل دميمة قبيحة، فأراد قابيل أن يستأثر بها على أخيه
فيتزوجها.
هكذا وسوس
الشيطان لعنه الله لقابيل أن يصر على الزواج من أخته ولا يتزوج أخت هابيل مهما
كلفه الأمر!
ورغبة قابيل
هذه تتعارض مع أمر الله وشرعه الذي شرعه لآدم أن يزوج بناته هكذا، فكل أنثى من بطن
تتزوج ذكرا من بطن آخر.
رفض قابيل و
بدا وكأنه يعارض حتى أمر الله ودينه وشرعه، وأصبح آدم في مشكلة هائلة لا يدري ماذا
يفعل مع هذا الإبن العاصي.
4- القربان :
عرض ادم الأمر
على قابيل ،عرفه أنه كبر وصار شابا ولا بد للشباب من زوجة ترعاه، وكذلك أخوه هابيل
فلما عرف قابيل أن آدم يريد أن يزوجه أخت هابيل ،ويتزوج هابيل أخته غضب و ثار ثورة
عارمة، فقد قال ادم لقابيل: يا بني إنها لا تحل لك، فهي أختك من بطن واحد، وكذلك
هابيل لا تحل له أخته فهي معه في بطن واحد ،وقد أمرني ربي أن أزوج كل واحد منكما أخت
الآخر..
عاده قابيل
للرفض ،واتهم أباه بالظلم ،و أنه لا يعدل بينه وبين هابيل، لأنه يحبه أكثر منه..!
حاول آدم إقناعه بان هذا ليس من عنده, وإنما هو أمر الله عز وجل ,وهو الحلال ,وان معصية الله وغضبه ستسوق عليه العذاب, فعليه أن يطيع أمر الله و يتزوج من أخت هابيل ولكن قابيل أصر على موقفه.
وجد ادم نفسه
في حيرة من أمره, فهذا ابنه يعصي أمره و أمر الله ,ولكن الله كان رحيما بأسرة ادم
حينما قدم حلا لهذه المشكلة التي تكاد تعصف بهذه الأسرة الطيبة, فلما كان هابيل
صاحب غنم و قد امتلك منها الكثير, وقابيل صاحب زرع يزرعه ويحصد ثمره كل عام, فقد أمر
الله ادم أن يطلب من ولديه أن يقرب كل منهما قربانا, فمن يتقبل منه ربه قربانه
يتزوج الفتاة التي يريدها.. فلما بلغهما أمر القربان انصرف هابيل ليعد قربانه,فصار
يقلب غنمه فكلما وقع في يده كبش استصغره وقال في نفسه: هذا شيء قليل لا يليق أن
أقدمه لله عز وجل, وما زال كذلك حتى وجد كبشا جميلا مليحا سمينا, كان اصغر الكباش
سنا, وأصحها بدنا و أوفرها شحما ولحما, واضمر في نفسه الرضى بما يقضي به الله عز
وجل, فإذا اختار له الجميلة أو الذميمة رضي بما اختاره الله له.
أما قابيل
فكان على عكس ذلك, فقد ذهب إلى مزرعته وكلما وجد ثمره طيبه جميله لذيذه أودعها
جانبا وقال في نفسه: أدعها لطعامي, وان الله يرضى بأقل منها وفي النهاية جمع بعض
الثمار الضعيفة الميتة والحبوب الرديئة وقال: هذا لله, واضمر في نفسه عدم الرضا إلا
أن يفوز بالجميلة.
وكان يوم القربان الموعود، فاجتمع ادم وأسرته جميعا واقبل هابيل ومعه قربانه ،وقابيل ومعه قربانه، ووقف الجميع بعيدا عن ربوة عاليه، بعيدا عن قربان قابيل و قربان هابيل، وما هي إلا لحظات حتى أبصروا نارا تنزل رويدا رويدا من السماء, فنظروا إليها في دهشة وهي تعطي شيئا فشيئا ببطء، فأخذت قربان هابيل وارتفعت به في السماء ثم غابت عن أنظارهم ،فتقبل قربان هابيل الذي أحنى رأسه شكرا لله عز وجل الذي تقبل قربانه الطيب ورضا بحكمه.
أما قابيل
فقد انفجر من الغيظ والحسد و اتجه إلى أخيه قائلا: تقبل قربانك ولم يتقبل مني، والله لاقتلنلك ،فرد عليه هابيل قائلا: وما ذنبي ؟! إنما يتقبل الله من المتقين،أي
ممن اتق الله في عمله وفعله ،وكان رد هابيل على أخيه لم عرف انه عزم على قتله كما
جاء في القران:( لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا
أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ
الْعَالَمِينَ). سورة المائدة/الآية 28.
أي: أخاف أن
اصنع مثلك، بل سأصبر واحتسب.
ظن هابيل أن
قابيل سيتراجع عن نيته في قتله بعد سماع كلامه هذا، ولكن لا فائدة..
إلا أن هابيل
لم ييأس واستمر في وعظ و نصح أخيه ،فقال له: انك إن فعلت سوف تحمل ذنب قتلي، فتكون
من أصحاب النار في الآخرة، لأنك بقتلي تكون ظالما، والنار جعلت للظالمين ،ولكن كل
هذا لم يلق في نفس قابيل بالا ،ومضى في الاستعداد لتنفيذ خطته لقتل هابيل مهما
كلفه الثمن، هكذا أغواه الشيطان لعنه الله.
5- طوعت له نفسه قتل أخيه :
ورغم كل هذا
الوعظ، والتذكير من هابيل لأخيه قابيل، وبعد هذه العظة والمسالمة والتحذير من
هابيل اندفعت نفس قابيل الشريرة، فوقعت الجريمة، وانقض قابيل على أخيه وقتله، لقد
طوعت له نفسه القتل, وقتل من؟ قتل أخيه..( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ
أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)/ سورة المائدة/ الآية30.لقد خسر نفسه وأهلكها
حينما جعلها في النار مع الظالمين الخاسرين، خسر أخاه وفقد اقرب الناس إليه الذي
كان ينصره ويرافقه في لعبه ومرحه، وخسر أخرته وحمل ذنبه الأول والأخير..
ومات هابيل,
لقد قتله قابيل بيده، وسعد إبليس لعنة الله عليه بهذا سعادة كبيرة، وجلس قابيل
نادما لا يدري ماذا يفعل.
6- الدرس من
الغراب:
خاف قابيل
على أخيه من السباع، فحمله على ظهره حتى بعث الله غرابا ليريه كيف يدفن أخاه، قال
تعالى:( فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ
كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ
مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)/ سورة المائدة/ الآية31.
لقد بعث الله
بين اخوين فإقتلا حتى قتل احدهما الآخر، فحفر له حفره، تم أهل عليه التراب ودفنه، فلما رأى قابيل ذلك قال: (يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي
فأصبح من النادمين)/ سوره المائدة/ الاية31.
لقد أحس
قابيل بفعلته الشنيعة وقال: يا ويلتي! تم دفن أخاه وأصبح من النادمين على فعلته، ولكن لم ينفعه ندمه فقد ارتكب ذنبا كبيرا، وعصى أباه ادم, فكان هذا جزاءه.
أما هابيل
فإنه في الجنة بما كان منه من طاعة وتسامح و رضى بما قسم الله له، إذ كان دائم
الشكر والحمد لله عز وجل.
انتهى- قصة الأخوين قابيل وهابيل-

بارك الله فيك
ردحذفالسلام عليكم..و فيك بارك الله أخي الكريم وليد
حذف